لماذا تنغير عمالة

 

لهذه الأسباب تمت ترقية تنغير إلى عمالة 

يستمد مقترح تاهيل مدينة تنغير إلى مرتبة عمالة أو إقليم شرعيته من الموقع الجغرافي الجد استراتيجي للمدينة، ومن موقعها في خريطة الطرق الوطنية، فضلا عن كونها محركا اقتصاديا وتاريخيا مقارنة مع نواحيها. إضافة إلى التطورات المضطردة و المتسارعة التي يعرفها المركز الحضري لتنغير المدينة، وما تتميز به واحتها الخضراء ومياه واديها المتدافقة ومضايق واد تودغى الجميلة والفريدة من نوعها في العالم ، إذ تعد تلك المضايق من عناصر جذب للسياح من داخل المغرب ، ومن جميع انحاء العالم تشكل تنغير محورا جذابا بالنسبة لجميع المناطق الحضرية والقروية التابعة لأقاليم ورزازات وزكورة والرشيدية، علاوة على كونها منطقة تجارية ومالية بامتياز. إذ أن جميع الرساميل الثابتة والمتحركة المتواجدة بمناطق الواحات بالجنوب الشرقي (زيز ، غريس، دادس، مكون، درعة، تودغى) كلها تتنفس هواء تنغير وتستمد أسباب تطورها من تنغير السوق. و ما يعطي لهذا السوق نوع من العالمية هوكون 50 بالمئة من ساكنة تنغير لها علاقات مع السوق الأوربية من خلال الجالية المهاجرة المهمة، وهذا ما يفسر وجود العديد من شركات النقل الدولي بهذه المدينة رغم صغرها، في اتجاه كل الدول والمدن الأوربية بشكل منتظم .كما أن البنية التحتية المتوفرة حاليا، خصوصا مع تدشين الملك محمد السادس للقطب الحضري الجديد لتنغير يسمح بتأهيل إداري من هذا النوع.

وحدة الثقافة والمجال:

أما النفوذ الترابي المفترض لهذا الكائن الإداري الجديد ، الذي نتمنى له مولدا مباركا فإنه يجب أن نستحضر مجموعة من الخصائص النوعية والمجالية التي توجد بين الساكنة. لهذا نرى أن عمالة إقليم تنغير ستقتطع نفوذها الترابي من الأقاليم المجاورة التلاثة (ورزازات- زكورة-الراشيدية) ، خصوصا إذا علمنا أن تنغير تقع في المحوريين الرشيدية وورزازات، وأنها تبعد عن كل واحدة منها بما يقرب - يفوق أو يقل قليلا - عن 157كلم . وإذا علمنا أن قلعة مكونة هي النقطة الجغرافية الفاصلة بين اللكنة السوسية و الأطلسية وأنها في منتصف الطريق بين ورزازات وتنغير . كما أن كلميمة ميالة بطبعها لجهة تنغير أكثر من ميلها لجهة قصر السوق (الرشيدية) ،وأن مناطق إميلشيل و أمسمرير ونواحيهما يجدون في تنغير المتنفس والملاذ. أما مناطق أيت عطا بإقليم زاكورة خاصة المتاخمة للنفود الترابي لإقليم ورزازات من الغرب والتي تحن لأصولها ، فإنها تجد نفسها إقليم تنغير أريح من غيره. من هنا يمكن لنا ان نطرح تصورا للنفود الترابي الافتراضي لهذا الاقليم الجديد ، الذي يمتد من قلعة مكونة جنوبا حتى كلميمة في الشمال الشرقي تم إملشيل وامسمرير ونواحيها غربا وبعض مناطق إقليم زكورة شرقا . وهذا المجال الترابي يمتد على قطر 100كلم . وهذا يكفي لخلق إقليم يجمع بين ساكنته الاعتقاد بالانتماء العرقي المشترك ، والوحدة اللغوية واقتسام المجال والطباع والانطباع والتقاليد والعادات علاوة على التاريخ المشترك. هذا بناء على العديد من الدراسات الاتروبولوجية واللسنية والتاريخية التي أنجزت في هذا المحور الجغرافي بالضبط، إضافة إلى الإحساس العادي لكل المواطنين داخل هذا المجال.

بناة المغرب

إن العارفين بالشأن الداخلي يعلمون علم اليقين أن المنطقة ( في بعض نواحيها إن لم نقل جلها) تعرف تأخرا جد خطير مقارنة مع الركب الحضري المتقدم الذي تعرفه اغلب مناطق المغرب. وهنا لا نتحدث عن تنغير المركز أو السوق - إذ هناك مناطق لازالت لاتعرف أن هناك شئ اسمه بطاقة التعريف الوطنية. ذلك أن بعض المواطنين المغاربة الأوفياء والمخلصين في الجنوب الشرقي المغربي ، وبالضبط في الأطلس وفي أطلس القبلة بالتحديد ، يؤدون واجب الانتماء للوطن دون أن يتمتعوا بأدنى حقوق الوطنية، وللقارئ أن يطلع على موقع تيلمى في محرك البحت يوتوب أو يستكشف المناطق المجاورة لإميليشل أو امسمرير أو أيت حديدو آو بعض المناطق المجاورة لتنجداد ......الخ ، لكي يدرك أن المشروع المفتوح للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ماخلق إلا لمثل هذه المناطق دون غيرها ، وأن هذه المناطق ليست في حاجة إلى وكالة التنمية بل الى تنمية بشرية حقيقية يكون العنصر البشري فيها هو المحور الأساس ، وأن نضمن له الحد الادنى من الشروط الضامنة للحياة الكريمة ،على الأقل اعترافا لهذه المناطق بما أسدته من جليل الخدمات لهذا الوطن يوم كان هذا الاخير في حاجة لابنائه ورجالاته. ورغم أن هذه المناطق قدمت فانها ماتزال تقدم وتجود بأدمغتها وقوة عملها بكل سخاء وإباء من أجل بناء المغرب الديمقراطي الحداثي. فإذا كان عسو أو بسلام و زايد أحماد وسيدي حمو أوباعلي وثلة من رجال المقاومة والفداء قد رسموا بملاحمهم وبطولاتهم أحسن صور للشهامة والبطولة عن هذه المناطق، فإن أبناءها اليوم يعتبرون وبدون منازع من البناة الحقيقيين والفعلين للمغرب الحديث .فما من جدار صعد أو بئر حفر إلا و من ورائه سواعد رجال لايعرفون الكلل والملل من أبناء هذه الربوع المناضلة. إذ تشكل المنطقة المزود الأول لليد العاملة بكل أصنافها وأنواعها . حيث أكاد اجزم أنك لن تجد في المغرب اليوم ورشة و لا مشروع يبنى في المغرب دون أن تجد نسبة لاتقل من 20 كمعدل من الطاقم البشري المكلف بالإنجاز من هذه المنطقة.كما أنك لن تلج مؤسسة أو إدارة عمومية دون أن تجد مهندسين وأطرا و تقنين أو موظفين أو أعوان ، من أبناء المنطقة، ناهيك عن التواجد الملحوظ في صفوف قوات الدفاع الوطني بكل أنواعه. ألايستحق هؤلاء التفاتة كريمة من هذا الوطن .
لقد تجاوزت هذه المناطق ثقافة الاحتجاج التي أصبحت اليوم موضة عند البعض ووسيلة مهترئة للابتزاز السياسي ، وهي ترفض شعار السلم الاجتماعي بالمقابل وترفع شعار العمل من أجل بناء المغرب ديموقراطي حداثي قبل كل شي. و ذلك بالاندماج في العمل الفعلي والمشاركة البناءة من أجل مواطنة ايجابية وتقدمية . والعمل خصلة جبل عليها أبناء عمالة إقليم تنغير المفترضة ، وهم المعروفون في كل أنحاء المغرب بالثقة والوفاء و الوفاء بالعهد والأمانة، ولهم في التاريخ قصص وروايات يرونها وقلوبهم ملآنة فرحا كثيرا.
ومما لاشك فيه أن مثل هذه العينة من الثقاة و الوطنين الخدومين والغيورين إن تم تكليفهم وتشريفهم بتأهيل تنغير من مركز حضري إلى عمالة أو إقليم ، وتعيين من تتوفر فيه شروط الكفاءة والنزاهة وخدمة الصالح العام على راس هذا الكائن الإداري الجديد المفترض ، فإن هذا الأخير سيقدم قيمة مضافة للمشهد الاداري والسياسي والاجتماعي بالمغرب .
وتتوفر المنطقة على مؤهلات سياحية فريدة ومتميزة على المستوى الوطني ، نظرا لتموقع المنطقة في الجنوب الشرقي وتوفرها على مناخ يتراوح بين جاف وشبه جاف ومعدل تساقطات لا يتعدى 200مم في السنة، ومعدل حراري في فصل الصيف قد يتعدى 35 درجة و في فصل الشتاء قد لا يتجاوز 0 درجة. وهي ظروف مناخية تغرى السائح الأجنبي والمحلي . كما تشكل طبيعة الواحات التي تعرف اخضرارا على مدار السنة ووديانها التي يعرف البعض منها سيلانا منتظما طول العام والطبيعة الجبلية ، أهم عوامل الجذب بالنسبة للسياحة الداخلية والخارجية علي حد سواء. وتمثل »مضايق  تودغى« إحدى عجائب المغرب التي لم تأخد بعد قسطها من الدراسة والاهتمام، ولم تأخد ما يكفى من الأهمية من الناحية الإشهارية مقارنة مع المناطق في المغرب. إذ يمكن استغلال هذه المعطيات الطبيعية وغيرها و تأهيليها بشكل يتماشى مع حاجيات المغرب في هذا المجال.كما أن المنطقة معروفة بكونها أحد المزودين الرئيسين لدول السوق الاوربية بقوة العمل المتمثلة في تواجد العديد من أبناء المنطقة في هذه الدول ، خاصة فرنسا واسبانيا وهولندا وبلجيكا، الأمر الذي يوفر رساميل افتراضية للاستثمارات الأجنبية موازاة مع الرساميل الداخلية المحلية. كما أن هذه الجالية يمكن استغلالها للتعريف بالمنطقة في الخارج و التعريف بالقضايا الكبرى والجوهرية الوطنية في جميع المحافل الدولية إن تم تأطيرها بالشكل الجيد والدفع بها لتشكل صلة وصل بين المجتمع المدني بالمنطقة والمجتمع المدني الأوربي الذي يعرف حراكا دائما ، واستغلال ما توفره المنظمات الحكومية وغير الحكومية في الخارج

.

محمد المندلي نائب إقليمي

للمقاومة وجيش التحرير بطانطان

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :